الثورات العربية وكنزها المفقود: قراءة آرنتية لمفهوم الثورة

Abstract

تظهر عبارة "الكنز المفقود" في نص ما الثورة؟ On revolution للمُفكرة آنّا آرنت، لتعبّر من خلالها عن حالة من الإحباط وخيبة أمل الثوار في ثورتهم، سعادة تظهر وسُرعان ما تختفي، بل هي لا تظهر إلاّ لتختفي مُباشرة. هذا هو قدر الثورات، كل الثورات الإنسانية، في أن تفقد كنزها. لنقرأ هذا النص من مُقدمة كتاب "بين الماضي والمُستقبل": "إنّ رجال المُقاومة الأوربية لم يكونوا أوّل ولا آخر من يفقد كنزه. إنّ تاريخ الثورات –منذ صيف 1776 بفيلادلفيا وصيف 1789 بباريس وخريف 1956 ببودابيست- أي ما يُمثل التاريخ الأكثر حميمية للعصر الحديث، يُمكن أن يحكى على شكل حكاية أسطورة كنز لا يعيش طويلاً، يظهر فجأة ودون توقع، ثم يختفي من جديد في ظروف غامضة، كما لو كان مُرجانة من سراب." (2) يُعتبر النص الذي أمامنا تعليق من المفكرة آنّا آرنت على عبارة الشاعر الفرنسي رونيه شار: " إذا تغيرت، اعلم أنني سأضطر لقطع نُكهة هذه السنين الجوهرية، أرمي بكنزي بهدوء بعيدا عني".(3) تعتبر آرنت أن الشاعر الفرنسي توّقع أنّ الكنز سيُفقد مع أنّ المعارك كانت لا تزال ضارية والثورة الفرنسية لم تنته بعد. لقد كتب رونيه شار رثائه لكنزه المفقود أثناء الثورة وهو يكتشف كيف أنّ تصرفات الثوار لم تكن في مستوى تلك المبادئ المرتبطة باحترام حرية الفرد مهما كانت انتماءاته وقناعاته الإيديولوجية والسياسية. إنّ هذا الكنز هو ما تفقدهُ كل الثورات تقريباً، سواء كانت تُسمى الثورة الفرنسية أو المجرية أو حتى العربية، و تفقده لا محالة كل الثورات القادمة. كيف يمكن تعريف هذا الكنز؟