الفضاء العمومي والجرائد الجزائرية

Abstract

فتحت الثورة المعلوماتية بابا على مصراعيه في التواصل مع الآخر، وقلّصت الحدود الزمانية والمكانية، واختصرت مسافات وأزمنة في عالمها الافتراضي، فما جاءت به الأنترنت في ظرف قياسي من أوجه اتصالية حديثة وكم معلوماتي دائم التنوع والزيادة، لم يتح على مر المراحل الاتصالية التي سبقته. واستعانت الوسائل الاتصالية التقليدية بخدماتها في مقدمتها الصحافة المكتوبة، إلى جانب الإذاعة والتلفزيون طبعا، وأصبحت هذه الوسائل لا تستغني عنها بدءا من البحث عن الخبر، مرورا بتحريره وصولا إلى نشره. وهي نقطة لها من الإيجابيات ما لها، وعليها من النقائص ما عليها. فهناك من يرى بأنها قلّصت وقزّمت دور الوسائل الاتصالية التقليدية، في حين يرى آخرون أنها دعامة جديدة للمضي قدما في سبيل تسهيل التواصل الإنساني واختصار الجهد والتكلفة ما أمكن. ففي حين كان الفرد يأخذ الخبر من الجريدة التي يبتاعها، أصبح يتحصل عليه الآن من خلال كبسة زر في بيته أو في مكتبه، أو في أي مكان آخر. وفي محاولة دؤوبة للاستفادة من هذه التطورات، استعانت الصحف التقليدية بها، وظهر ما يعرف بالصحافة الإلكترونية، التي نجدها أحيانا موازية للصحافة الورقية، أو مستقلة عنها ولها حامل إلكتروني فقط. وهذه الطبيعة الجديدة فرضت خصائص لم تكن معروفة في سابقتها الورقية من تحيين وسرعة وتفاعل، كان إلى حد كبير محدودا فيما سبق. وفيما يتعلق بالتفاعل، وفي علاقته بمفهوم أساسي في ورقتنا، وهو الفضاء العمومي الذي كان يعبر سابقا عن مكان وحيز يعبر فيه الأفراد عن آرائهم وأفكارهم بحرية في إطار احترام متبادل بينهم، وتوفر شرط أساسي وهو الوجود الفيزيقي لهؤلاء الأفراد في مكان مادي. إلا أنه في ظل تطور تكنولوجيات الإعلام والاتصال، واكتساحها الساحة الإعلامية وتأثيرها على العلاقات الاتصالية، فإن نظرتنا للفضاء العمومي ومفهومنا له، اكتسب أبعاد جديدة تواكب هذه التطورات التكنولوجية، وطرح جملة من الرهانات على مستويات عدة حددناها في رهان الحرية، رهان الهوية، رهان اللغة، ورهان مستوى النقاش بين المتفاعلين.