الصوتيات و الفونولوجيا

Abstract

يشكّل الصوت الإنساني المادة الأولى في الدراسات اللغوية، وذلك لما له من دور كبير وأهمية رئيسية في حياة الإنسان، فهو يعدّ الجانب العملي للغته، ووسيلة الاتصال المشترك بينه وبين أخيه الإنسان، بل إن أصوات الكلام أو لغة الحديث هي من أهم وسائل الاتصال على الإطلاق، ونظرا لهذه الأهمية الواسعة للصوت اللغوي غدا علم الصوتيات من أهم العلوم اللغوية التي نالت عناية بالغة من قبل الدارسين قديما وحديثا، حيث أخذ هذا المجال حظًّا وافرًا من البحث عند أمم العصور القديمة، كالهنود واليونان والرومان والعرب. فقد كان اهتمام العرب بلغتهم منقطع النظير، حيث خطوا في دراسة أصواتها خطوات واسعة، وقدّموا في ذلك بحوثا قيّمة شهد عليها العديد من الدارسين الغربيين المحدثين، وتعدّ جهودهم الصوتية المبكرة والمبهرة اللبنة الأولى والأساس الذي انبنت عليه الدراسات اللغوية والصوتية العربية، وهي تتوافق وتقترب إلى حدّ كبير إلى ما توصّلت إليه الدراسات الحديثة التي تدرس النطق أو الصوت البشري بمنهجين مختلفين لكنهما متكاملين، أي من زاويتين مختلفتين ولكن إحداهما تعد أساسا للأخرى أو مقدمة لها، فالزاوية الأولى هي: علم الأصوات-الصوتيات phonetics/ La phonétique، والزاوية الثانية هي: علم وظائف الأصوات-الفونولوجيا phonology/ La phonologie. والدراسة الصوتية بفرعيها هذين الفونيتيكي والفونولوجي لا تهتم إلا بالتعبير اللغويّ، دون النظر في المضمون الذي يقوم تحليله على جوانب أخرى، حيث يُعنى الفرع الأول بدراسة الأصوات مفردة دون النظر إلى موقعها ووظيفتها في الكلام، كدراسة أعضاء النطق الإنساني، وبيان من أين تخرج الأصوات اللغوية، وكيف تخرج، وبعبارة أخرى هي وصف للحركات العضوية التي يقوم بها الجهاز الصوتي أثناء النطق، وكذلك الآثار السمعية المعاقبة لهذه الحركات. أما الفرع الثاني الذي يهتمّ بدراسة وظائف هذه الأصوات في النظام الصوتي للغة ما، أي دراسة وظيفة الصوت في بنية هذه اللغة وعلاقة هذه الوظيفة بالمعنى، بالإضافة إلى أن الفونولوجيا لا تقتصر على دراسة الوحدات الأساسية في تشكيل السلسلة الكلامية المنطوقة وهي الفونيمات، وإنما تتجاوزها إلى دراسة عناصر صوتية أخرى لا تقلّ أهمية عنها، وهي ليست قطعا من هذه السلسلة، تعرف بالعناصر فوق المقطعية كالنبر والتنغيم والفواصل الصوتية.