Résumé:
يقارب هذا البحث الوظيفة التنويرية للترجمة في فكر جورج طرابيشي بوصفها مخزوناً من الأدوات النقدية الضرورية لإصلاح الأعطال المعرفية والنفسية التي أصابت العقل العربي لحظة اصطدامه بالعوائق التاريخية التي خلّفتها حداثة غربية متسارعة وكذا ارتطامه بهزائم وانكسارات نفسية عميقة؛ حيث أدرك طرابيشي أن العقل العربي لا يمكن له أن يُنجز مشروعه العقلاني إلاّ إذا بدأ بالخلاص النفسي الداخلي من "عصاب جماعي"، أي إلاّ إذا تحرّر من قوّة غير عقلانية تسحبه كرْهاً إلى عالم ذي عتمة وتمنعه من التفكير باعتباره طريقةً في الوجود لا تستند إلاّ إلى ذاتٍ واضحة ومكشوفة لنفسها، وبهذا المعنى يكون للترجمة دورٌ في وضوح العقل الذي هو مطلب معرفي كوني.
عندما ننظرُ في ترجمات طرابيشي لفرويد - نموذَجه العلاجي والتنويري- فإننا نكتشف الأبعاد المعرفية والنفسية التي تتّخذها هذه الترجمات وانعكاساتها على تصوّرات طرابيشي للعقلانية العربية وآفاقها. أمّا عندما ننظر بعين نقدية إلى تلك الترجمات فإننا نكتشف الحدود الإبستيمولوجية التي ينتهي إليها العقل العربي عندما ينخرط لاشعورياً في لغة الترجمة وتوجيهاتها الدلالية فيتلوّن بلوْن الآثار الثقافية غير القابلة للمحو والتي تنطبع على مادّته الخطابية.