Résumé:
يُحلّل هذا المقال ويُشرّح المقولات الأفلوطينية (من أفلوطين Plotin) الفاعلة في تكوين العقلانية لدى الفارابي وتشكيل الوسائط الفلسفية (الأفلاطونية المحدثة Néoplatonisme) التي ساعدته على بناء منهجه الخاص في فهم الفلسفة اليونانية وإعادة تأويلها بما يخدم مشروعه السياسي والأخلاقي والعملي بصفة عامة. حيث يظهر أن قراءة الفارابي للتراث الفلسفي اليوناني هي قراءة متعددة الآفاق كما أن منهجه في القراءة سيشكل تصورا فلسفيا بحدّ ذاته وذلك عندما نستكشف آليات تأثره بالفلسفة اليونانية والحدود العقلانية التي تتحكم في هذا التأثر وكذلك كيفية تعامله مع التراث الفلسفي اليوناني.
إن التعرف على فكر الفارابي يكمن في تلمّس نقاط التفكير في منظومته المعرفية والوصول إلى آليات الإبداع عنده بما يخدم الفعل الفلسفي التأسيسي في الفكر العربي الإسلامي، وبهذا المعنى يكون الفارابي صاحب مشروع تأسيسي كبير، مستفيداً من أفلوطين مفاهيمياً ومنهجياً كذلك، فإذا كان أفلوطين قد طوّر نظاما تراتبيا داخل الميتافيزيقا التي تقتبس من المذهب الرواقي شكلها المعرفي، فإن الفارابي طوّر نظاما تراتبيا عمليا مستفيدا من المنظومة الأفلوطينية نفسها ولكنه يوجهها نحو مشروعه العملي الأخلاقي والسياسي.