Résumé:
لم تعدْ الثنائية الطبية (مرض/علاج) صامدةً أمام تطور حياة المرض نفسه في الأشكال المُمَوَّهة التي يتخذها داخل جسد المريض، ممّا يعني أن حالة المرض المعاصرة تُنتج خطاباً مُتخفياً للجسد، كتعبير عن قلقٍ ما، ككلام للذات عبر الجسد خارج حدوده البيولوجية، فيما يمكن أن يُشكل ثنائية بديلة هي الثنائية التأويلية (كلام/إصغاء)، بوصف المرض خطاباً يقول شيئاً ما عن شيءٍ ما، وأنّ الطب يبدأ في قوة الإصغاء إلى المرض أي في الإصغاء إلى صوت التوازن المختل بين الجسد والنفس بما أن المرض يصيب الجسد بينما يحصل الألم للنفس والذات، فالإصغاء هو مظهر الحكمة في الطب ولذلك نُميّز بين الطبيب الحكيم (مثال الطبيب الحكيم جالينوس) والطبيب المُداوي بمعناه التقني المعاصر.
تقوم وظيفة الطب في إعادة التوازن لجسد المريض غير أنه "عند استعادة التوازن، يجد كل فعل طبي اكتماله في قمع الذات وهو المنظور الذي يلوح في أفق كل علاج" ، وهو فعل يفترض أن المرض يأتي كاضطراب بعد حالة "عادية" للجسد، دون أن يستطيع تحديد ما الذي كان "عاديّاً" فيه، إن يتجلى قمع الذات في الفعل الطبي العلاجي من خلال كَبْت صوت المرض والذي ليس صوت الطبيعة البيولوجية فقط بل هو صوت تاريخ الجسد وقلقه والعلاقات التي يُنشئها مع محيط من الأصوات والأفعال والقيم التي يتفاعل معها أيضاً مُبدياً امتعاضه من بعضها وسعادته ببعضها الآخر ومُقدّماً رأيه (موافقة أو معارضة) لما يدور حوله دون تطابقٍ مع الأفكار التي يتبناها عقل صاحب الجسد، فللمرض عقله الداخلي الخاص.