Résumé:
يندرج موضوع هذا البحث ذو الطابع الحضاري، في إطار اهتمامنا بموضوع حوار الثقافات والحضارات، لأن الثقافة لا تستطيع الاستمرار دون تواصل فيما بينها، لتفيد وتستفيد في الحقول المعرفية المختلفة، فالأصالة تـتعزز بقدر اكتشاف الآخر وبقدر محاورته ومقارعته، ذلك لأن الأصالة دون تواصل تعني الانغلاق، كما أن التواصل دون أصالة يعني الذوبان والاضمحلال، وقد اخترنا "حوار الثقافات في الغرب الإسلامي" موضوعا لبحثنا هذا لأن الحوار بين الثقافات والديانات المختلفة كان من المواضيع المحترمة في المجتمع الأندلسي الذي لم يعرف التعصب الديني من جانب المسلمين، وعاش الذميون الأمن والاستقرار في دولة الإسلام يتمتعون بحرية العقيدة والتعبد منذ الفتح الإسلامي لأيبيريا. وقد مورس الحوار بين مختلف عناصر الشعب الأندلسي طوال عصور المسلمين في الأندلس في أزمنة السلم وأزمنة الحرب، وبين المنتصرين والمهزومين إلا في حالات قليلة شاذة، قد كانت بعض التجارب مريرة ومؤسفة ومأساوية