Résumé:
إذا أردنا تعقب بدايات خطاب الأزمة في الفكر العربي فيمكن أن نعد كتاب قسطنطين رزيق (معنى النكبة) الذي أعقب هزيمة العرب عام 1948 - أول كتاب التفت إلى ضرورة تشخيص الهزيمة، والبحث عن أسبابها الاجتماعية والسياسية والحضارية. ومنذ نكسة 1967م والمثقفون العرب يتحدثون عن الأزمة، وهو ما يعكس حالة التردي التي تعيشها المجتمعات العربية، والشعور بالإحباط المهيمن على الوعي العربي. ومنذ ندوة الكويت عام 1974 التي كان عنوانها (أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي) والمثقف العربي يعالج الأزمة، ويحاول صياغة الحلول للخروج منها. لقد ساد الحديث عن الأزمة منذ التسعينيات من القرن الماضي بصورة لا سابق لها، حتى بات مصطلح الأزمة من المفردات الأكثر تكرارًا في الأدبيات الفكرية العربية وفي وسائل الإعلام، فهناك أزمة سكانية، أزمة غذاء، أزمة مخدرات، أزمة في الواقع العربي، أزمة في الثقافة العربية، أزمة في الهوية، أزمة في الديمقراطية ... وهو ما يعكس الحالة النفسية الصعبة التي يمر بها الواقع العربي، حيث تسيطر مشاعر اليأس والإخفاق على المثقف وعلى الجمهور على السواء. وفي واقع الأمر، إن الأزمة التي يمر بها العالم العربي أزمة شاملة، لا تمس الفكر فقط بل لها جذور في الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، فإشكالية التخلف الفكري لا تنفصل عن إشكالية تخلف البناء الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. فبأي معنى تحدث المثقفين العرب عن الأزمة ؟