Résumé:
نفذت الفلسفة اليونانية الى الشرق بعد حملة الاسكندر المقدوني حيث تعرف اليونان على ثقافات اخرى ونشرت ثقافاتهم في بلاد ظلت عنها الى ذلك الحين و »اتحد الشرق والغرب في دولة واسعة اختلطت فيها الحضارات وتمازجت كانت هذه الدولة رومانية الهيكل، يونانية الروح، فكانت اللغة اليونانية بمثابة لغة دولية لأنها لغة العلم و الأدب « .(2) واتخذت هذه الدولة "الاسكندرية" مركزا لها وكانت نقطة الاتصال لمختلف حضارات العصر القديم، وزال بذلك عهد "المدينة دولة" والتقيد بدين الآباء والأجداد وأصبح الدين أمرا شخصيا فالمواطن حرفي اختيار من يطمئن إليه من الآلهة ومن هذا تحولت الفلسفة الى الدين والتصوف بتأثير الشرقيين من وثنيين، ويهود، ومسيحيين ودار صراع بين الفلسفة والدين أي بين العقل والنقل عند أول الأديان السماوية الثلاثة الرئيسية ونعني به الدين اليهودي. تعتز جالية اليهود بدينها "التوراة" ولكنها تأثرت بالفلسفة اليونانية وجعلتهم يترجمون كتبهم المقدسة للغة اليونانية إن »يهود الإسكندرية متأغرقين بعمق أكثر من جميع يهود الشتات. كانوا يقرأون الكتاب المقدس بترجمتهم الإغريقية "السبعينية" (أقدم ترجمة للعهد القديم وتمت على ايدي اثنين وسبعين حبرا من يهود مصر حوالي 283-282 ق م وتشمل على عدة أسفار) و أنتجوا قدرا من الأدب الديني وهو(حكمة سليمان) « (3) ومن العوامل التي جعلت اليهود يتأثرون بهذه الفلسفة ويقارنونها بما لديهم من كتبهم المقدسة أنهم »رأوا لليونان فلسفة تناولت المسائل الالهية ومسألة خلق العالم وغيرها من المسائل التي يعرفونها على نحو ما من دينهم. واعتبروا الفلسفة شروحا للحكمة التي تزخر بها التوراة، ومن ثم أخذوا يعملون على استخلاص هذه الفلسفة من التوراة بطريق التأويل المجازي(4) « ومنه لقد حاول اليهود اظهار أن دينهم يحتوي على فلسفة أسمى وأقدم من فلسفة اليونان وهنا ظهرت فكرة أخد اليونان من الدين اليهودي. وفي هذا الجو الثنائي الذي يزاوج بين عقيدة اليهود و الفلسفة اليونانية ظهر فليون الاسكندراني philon d’Alexandrie حوالي(40 ق م - 40 م). وإعتبر النموذج الأول للحركة التوفيقية بين العقل و النقل أو الفلسفة والدين وملك فليون العقلية التي تعمل على التخلص من هذا التعارض بوازع من شعوره الديني العميق بسيادة الديانة اليهودية وتأثيرها في كل أنماط التفكير الانساني بما في ذلك الفلسفة اليونانية ولذلك »يعد فيلون لاهوتيا أكثر مما يعد فيلسوفا « .(5) وهو أكبر ممثل للفكر اليهودي المثقف بالفلسفة اليونانية (لقد قرأ و شرح التوراة بالتراجيم اليونانية للنصوص العبرية) التي غرت العقول في ذلك العصر، وكان على هذه العقول أن تقف موقفا واضحا بإزائها، لذا فهو المفكر الحر الذي أضاف واستعان بالفلسفة للوصول إلى الحقيقة الدينية، ولكيلا تكون هذه الحقيقة الفلسفية خارجة عن الدين، في مذهب متناسق حاول دمج الحقيقتين متخذا الدين أصلا وشرحه بالفلسفة.