Résumé:
ينطوي مصطلح مشهد على معان تختلف من فن إلى آخر، ومن منظور إلى غيره، لكنه يبقى في ذلك كلّه محكوما بزمان ومكان وبحدود رفيعة طفيفة يختص بها في هذا الفن أو ذاك. وتراهن صفات الصغر والمحدودية ونهاية فعل أو منظر، ليحلّ محلّه آخر في تتابع ومخادنة، ليشكل جزءا ومكوّنا من مكونات العمل الفني؛ مسرحية كانت أو دراما تلفزيونية أو فيلما أو قصة. وتسميته المتفق عليها في كل إبداع فنّي تقريبا هي "مشهدscène . المشهد إذن أصغر تقسيمات المسرحية، ويعني كل الأحاديث منذ دخول الشخصية إلى غاية خروجها أو دخول شخصية أخرى أو خروجها. استخدم هذا التعبير في فرنسا، ولذلك هناك من يسميه (المشهد الفرنسي). ويرى بعض المهتمين بالمسرح أن التعريف الأكثر إفادة؛ يرى المشهد أنه مادة متتابعة تدور حول هدف واحد محدد لشخصية بعينها. نستخلص من هذا أن المشهد يبنى على حدث واحد، ويسعى إلى إنهاء لمجهود يسير نحو تحقيق هدف معين على ذروة صغيرة. ولكن قد يحدث أن تترك نهاية المشهد الهدف دون أن يكتمل، ويستمر الموقف بطريقة أو أخرى كلّه حرج. لذلك بمجرد أن يعرف المخرج الخط الأساسي الذي تسير عليه المسرحية، حتى يقوم بدراسة وظيفة كل مشهد وبنائه المنفرد، بحثا عن الإيقاع الكامن فيها، حتى يصل في الوقت نفسه إلى تنويعات هذا الإيقاع الذي يحقق التباين والاختلاف في إطار الوحدة الديناميكية للمسرحية. كما يسعى المخرج إلى تحديد وظيفة كل ممثل في كل مشهد، مناشدا تفسير أدوارهم تبعا لتسلسل المشاهد وترابطها، ومبرزا دوافع الشخصيات في كل مشهد. وعلى المخرج أن يتأكد أنها تخدم وظيفة المشهد في المسرحية ككل. وتسهم فنون عرض كثيرة في جمالية المشهد المسرحي الجزائري من عرض إلى آخر فتتكاثف تلك الفنون في صنع الفرجة المسرحية التي تكفل متعة المتلقي وانجذابه وتفاعله مع ما تصنعه تلك الفنون من جمالية بصرية قد تكون من صميم فكرة العمل أحيانا وأحايين أخرى تكون دخيلة همها الأوحد هو الإبهار. ستسعى هذه الورقة إلى تقصي جماليات المشهد المسرحي الجزائري التي تصنعها فنون العرض من سينوغرافيا وكوريغرافيا وتشكيل حركي وغيرها والتي من شأنها أن تكمل فكرة العمل بصريا. فإلى أي مدى نجح عرض ليلة غضب للمسرح الجهوي بباتنة في تقديم مشاهد مفعمة بالجمالية الشعرية؟ وما هي العناصر والآليات الجمالية التي أسهمت في تقديم فرجة مسرحية جزائرية أمتعت المتلقي الجزائري برحاب مهرجان المسرح المحترف الوطني؟