Résumé:
الصعلكة كظاهرة اجتماعية، عرفها المجتمع الجاهلي، و التي تنادي بثورة المستضعفين من فقراء المجتمع و المظلومين، تولدت بفعل أسباب عديدة كعدم إمكانية تعايش الفرد في إطار القبائل العربية بأنظمتها القاسية، و نبعت من الإحساس بالضياع و عبثية الحياة، إذ تبنت هذه الظاهرة شريحة من المجتمع عرفت بالصعاليك، خرجوا عن قبائلهم و قطعوا كل أمل بالعدالة الاجتماعية، و آمنوا بأنهم ظلموا في مجتمع تسوده القسوة، وضعوا أسسا لحياتهم، فعرفوا بالسلب و النهب و العيش في الصحراء، فملئوها رعبا و هولا رافضين الضيم و الذل، و كانوا من الناقمين على أعراف و معالم المجتمع التي لا ترحم الفقير الضعيف. و من أهم الشعراء الصعاليك نذكر: الشنفرى، تأبط شرا، سليك بن سلكة و عروة بن الورد.
أما موضوعات شعرهم فقد كان معظمها عن الفخر، الوصف، والمغامرة.
و لقد كان عروة من أبرز شعراء و فرسان الجاهلية، عاش مكرما في قبيلته بعكس غيره من الصعاليك، و كان مهذبا في ثورته، حيث أن معظم غاراته كانت على من عرف بالشح و البخل. و اتصف بشيم و أخلاق أسهمت في دفعه إلى طريق الصعلكة و أهمها أنه كان أبيا عزيز النفس، كريما مع من حوله، و نجده يعجب أشد الإعجاب بالصعلوك المكافح الذي يبذل جهده في طلب الغنى.
يعد عروة بن الورد من أكثر الشعراء الصعاليك تناولا لأغراض مختلفة و قد وردت أشعاره في أشهر كتب الأدب مثل "الأمالي".
و قد امتاز شعر عروة باللطف و الرقة، قوة تأثيره في النفس، النزعة التجديدية، و الأسلوب الشعبي.
كما أن ما يلفت الانتباه في شعره أنه مجموعة مقطوعات قصيرة، حيث أنه لم يلتزم هيكلة القصيدة الجاهلية.
و لغة الشاعر عروة بن الورد هي أقل خشونة تتسم ببعض الغرابة ذلك أن أنه ابن بيئته و ألفاظه أقل غرابة و أسلوبه، و هذا يرجع إلى أن الشاعر لم ينسلخ تماما من قبيلته فهو لم يعش حياة الذئب فحسب، بل عاش أيضا حياة الناس في جماعة إنسانية.
و قد استخدم الشاعر صورا بيانية مختلفة، كما أنه لم يخرج عن شعراء عصره من حيث استخدامه للقافية و الروي و استعماله لصور البديع المختلفة. هذا ما أدى إلى إحداث نغم موسيقي عذب.