Résumé:
بصفة عامة يمكن القول أن الأشكال الأدبية المتنوعة تدعم بعضها البعض عبر التواصل بطرق شتى مما يخلق نوعا من التأثير والتأثر ينتج عنه عصارة إبداعية تجمع بين أصالة العمل الأصلي وبين تجديد و معاصرة بيئة وزمن العمل المتأثر.
ورغم تضارب الآراء حول تأثر دانتي بالتراث العربي الإسلامي أو غيره فإن الرأي الراجح بالقبول هو أن أبا العلاء المعري ودانتي قد تأثرا دون شك بنفس المصادر وكلاهما قد استقيا بشكل واضح من نفس الموارد في بنائهما القصصي، على رأسها مورد قصة الإسراء والمعراج . وهذا ما يفسر التشابه الواضح بين أفكار وحوارات و شخصيات وأحداث عملين شهد لهما بالعظمة . فكلاهما بنى تحفته الإبداعية على نفس الأساس ونفس الخلفية ( قصة معراج النبي و تراث الآداب الكلاسيكية و الآداب العربية الإسلامية.
تأثر دانتي بمصادر عربية في كتابة الكوميديا الإلهية استنادا إلى بحوث غربية شرحت مصادر دانتي العربية في ملحمته ، ومن أهمها ذلك المجلد الكبير الذي كتبه القس الأسباني ميغيل آسين بلاثيوس في مدريد عام 1919 ، وشرح فيه مصادر دانتي العربية ، وكيف تأثر مباشرة بالإسراء والمعراج ، وشرح كيف أفاد دانتي من مصادر عربية أخرى مثل " الفتوحات المكية " لمحي الدين بن عربي ، و "رسالة الغفران" للمعري .وقد سعى من خلال هذا الكتاب إلى إثبات العلاقة الوثيقة بين كوميديا دانتي والأدب الإسلامي عموما ، الديني وغير الديني .و تضافرت عدة عوامل لتهيئة المناخ الملائم للتأثير أو التأثر فقد كانت قنوات التوصيل على قدر كبير من الاتساع والتعدد.وإن كانت كل هذه الأعمال الخالدة شهد لها بالعظمة وكانت مثالا خصبا للتأثر بما قبلها من إبداعات والتأثير فيما بعد، إلا أنها ليست إعادة اجترار بل منجزات إبداعية استطاعت أن تستفيد من التراث القديم و تجدده بلمسه ذاتية خاصة تميزه .