Résumé:
أراد الاستشراق الألماني أن يكون متميّزا في اهتمامه بعلوم الشّرق والدّراسات الأدبية حوله، فقد نأى بنفسه عن السّياسات والأيديولوجيات الّتي اتّبعتها مختلف المدارس الاستشراقية الأخرى وكانت لها أغراض ذات تبعية مطلقة لحكوماتهم وسياساتها، أمّا المستشرقون الألمان ففتحوا نافذة خاصّة شعارها الموضوعية والحياد في دراسة التّراث العربي الأدبي والشّعري وممّا ساعدهم على ذلك وجود المخطوطات العربية والنّصوص القديمة بصورتها الأصلية في مكتباتهم، ما سهّل عليهم الاطّلاع على النّسخ الأصلية فحقّقوها وقاموا بفهرستها.
لا يزال الاستشراق الألماني يهتم بالشّعر العربي من حيث الشّكل والمضمون، حيث حاول مستشرقون ألمان محدثون قراءة الشّعر العربي القديم وفق مناهج البحث الحديثة، أعادت بعث هذا الإرث من جديد وساهمت في إثراء الدّرس حوله، ولا يزال الألمان المحدثون محافظين على نهج القدامى في الحياد والموضوعية وفي تطبيق المنهج التاريخي المقارن والمنهج الفيلولوجي في التأثر بالشّعر، بل ظهرت اهتمامات حديثة بالشّعر الصّوفي وبرز مستشرقون ألمان تخصّصوا في هذا الباب، لم وجدوا فيه من متعة وروح، وتقاطعه مع الشّعر الجاهلي واصطباغه ببعض صفاته البلاغيّة والأسلوبية وحتى في بعض الأغراض الشّعرية -حسب دراساتهم- فهذا الثّبات عند الألمان حقّق لهم المصداقيّة والتفرّد، خاصّة في مواجهة تحديات ما بعد الحداثة واختلاف الدّارسين العرب في أنماط تفكيرهم وأحكامهم. فقد كان الألمان القدامى فاعلين في تأثرهم بالشّعر العربي القديم ولا يزال المحدثون منهم يقتفون أثرهم وفاءا للهدف المسطّر والدّرب الكلاسيكي.
.