Résumé:
اثبت لنا التطور الذي عرفه الدرس البلاغي اليوم، أن البلاغة ليست تلك الدروس التعليمية، بشواهدها وقواعدها فحسب؛ بل أصبح للبلاغة مفهوما شاملا لكل أنواع الخطابات، ومنفتحا على مختلف المناهج والنظريات التي تهتم بتحليل الخطاب مثل التداولية. وعندما نتكلم عن المقاربة التداولية للخطاب البلاغي، فإننا بالضرورة نتكلم عن تحليل كل العناصر المساهمة في صناعته وتشكيله نحو (من يتكلم؟، وإلى من يتكلم؟ وكيف يتكلم؟ ومتى تكلم.؟..)
وبالتالي فإن الأسلوب المنمق الجميل، لم يعد كافيا لتحليل الخطاب البلاغي في ضوء الآليات التي أصبحت توفرها لنا المقاربة التداولية من (سياق، وأفعال كلامية، واستلزام حواري، وروابط حجاجية، وعوامل حجاجية...)، حيث تتطلب هذه المقاربة استحضار المقامات السابقة ويندرج ذلك ضمن معرفة حال المتكلم، وأحوال المخاطبين وأقدارهم، كما يتطلب معرفة حال الملكة اللغوية، والقدرة على اختيار الألفاظ والمعاني، ومعرفة الأصوات، والمعجم...، وطريقة توصيلها في أحسن صورة إلى المتلقي من أجل تمكينه من الغرض المقصود وتحقيق المنفعة من خلال مناسبة المقام للمقال،باعتبار أن الخطاب ما هو إلا ممارسة سياقية، يتبناها المتكلم، ليستطيع أن يغير،ويقنع ويحاجج.
لتأتي دراستنا هذه الموسوعة بــ:"الخطاب التعليمي في البلاغة النبوية- قراءة تداولية في ضوء نظرية الحجاج"، من أجل مقاربة الحديث النبوي الشريف مقاربة تداولية في ضوء نظرية الحجاج، باعتباره خطابا تعليميا تواصليا، له غايات تأثيرية إقناعية يعتمد على آليات حجاجية، تتمثل في تعالق بنيتين أساسيتين:
البنية الخارجية(سياق الحال): والتي تتجلى في (حال المتكلم، ومراعاة حال المخاطبين، والعوامل السوسيو-ثقافية، والنفسية ...)
والبنية الداخلية للنص( سياق المقال ):وما تحتويه من (آليات لغوية، ولسانية، وأساليب بلاغية).
كما تهدف هذه الدراسة إلى تبيان دور هذين البنيتين، في تحقيق الغاية الحجاجية الاقناعية في الحديث النبوي الشريف، كونه خطاب تواصلي، ونتاج لسياق معين. هدفه إيصال رسالة محددة في ذهن وقلب المتلقي .و ذلك من خلال الإجابة عن أسئلة جوهرية نحو :
ما طبيعة مقام الحديث النبوي الشريف؟
كيف يمكن للسياق بنوعيه المقامي والمقالي أن يحقق بعدا تداوليا إقناعيا؟
: