Résumé:
إن تحقيق التنمية لا يتم إلا من خلال توحد و تكاثف الجهود لكل الفاعلين
سواء كانوا ينتمون إلى القطاع العام أو إلى القطاع الخاص.
يعتبر قطاع السكن أحد أهم القطاعات والذي يحض باهتمام الدولة، هذا الأخير
عرف العديد من التغي ا رت على مر الم ا رحل التاريخية، كما أن الدولة" لم تعد المتدخل
الوحيد في العملية الإنتاجية للسكن" 1 .
وبالرغم من كل تلك الجهود المبذولة في هذا المجال إلا أنه لا يخفى على أحد
المعانات التي تعرفها المدن الج ا زئرية من مشكل السكن و ما يصاحبه من مشاكل في
آلية التملك و التسيير لهذه الفضاءات العم ا رنية و هو ما خلق صورة مشوهة للمدينة
بصفة عامة كما أنه يعتبر عائق لعملية التنمية.
ان مدينة مستغانم و على غ ا رر باقي المدن الج ا زئرية عرفت ارتفاعا كبي ا ر في
تعدادها السكاني و يرجع ذلك بطبيعة الحال إلى تحسن الظروف الصحية للمواطنين
وانخفاض معدل الوفيات في مقابل الزيادة في معدل الولادات و هو الأمر الذي أثر
على الموارد الاقتصادية و الاجتماعية داخل المدينة . وذلك بغية تلبية متطلبات
السكان المت ا زيدة من سلع و خدمات،فرص للعمل، و خصوصا السكن.
1 . -بشير ريبوح،المدينة الجزائرية : العوامل و الفاعلون،الجزائر:دار بهاء الدين لنشر و التوزيع، 3002 .ص 322
184
حيث يقول في هذا الباب الباحث V.Derudder "...ان المدينة مدينة الجميع ،ليست
مدينة كل أحد ،و أن مواردها ليس سهل الاستفادة منها" 1 .و يعتبر هذا الطرح موازي
لطرح H.Lefebre من خلال مفهوم "الحق في المدينة"و الذي يتجلى من خلال
العيش والسكن بها باعتبارها حق للجميع. الأمر الذي يتأتى من خلال تلاقي السلطة
والمجتمع بمناسبة المدينة، إذ أن السلطة هي المخططة والقائمة على تصميم وبناء
المدينة وهي التي تملك القوة الشرعية من خلال تحكمها في القوانين وآليات التسيير.
بينما المجتمع هو من يسكن ويعيش داخل المدينة و ذلك من خلال الطلبات المقدمة
للاستفادة من العروض السكنية المقترحة من طرف الدولة عبر الب ا رمج والسياسات
لإنتاج السكن.
ان تتبع سياسة السكن و انتاجه في الج ا زئر برز بشكل واضح الفشل في
السياسات العمومية التي لا تستمد أو تعتمد على الواقع في انجازها. الأمر الذي خلق
أزمة سكنية حادة تعاني منها الج ا زئر الى وقتنا ال ا رهن.
ان فكرة ديمق ا رطية السكن التي انتهجتها الدولة رغم ايجابيتها الكبرى الا أنها لم
تحقق ما هو مرجو منها بسبب عدة عوامل أبرزها: عدم الشفافية والديمق ا رطية...الخ.
1 - باشا حاج محمد، اشكالية العمارة ،دراسة ميدانية لثنائية العمارة و الممارسة الحضارية،رسالة لنيل شهادة دكتوراه علوم في علم
. الاجتماع،جامعة وهران، 3002
185
ان الأزمة الحادة التي عرفتها البلاد في مجال السكن و الذي جعل الدولة تحرك آلتها
من أجل تدارك النقص، جعل الأخير تهمل الرؤية الفلسفية والاجتماعية للسكن الأمر
الذي سبب العديد من الآفات والمشاكل إذ لا يمكن القول أن الخلل هو في سكان
المدن والحضر ونحن لم نوفر لهم المناخ المناسب لكي يكسبوا السلوك الحضري .
إن عملية تملك الفضاءات السكنية هي عملية تخضع الى الثقافة الاجتماعية
لسكان هذه الأخيرة القائمة على قيم الخصوصية والحرمة والحشمة، أصبح في خطر
نتيجة وجود السكن كما هو مخطط له في التجمعات الحضرية الأمر الذي يستدعي
سلوكات من أجل إعادة التملك والحماية والتعبير داخل الفضاء العم ا رني لسكن وكل
الفضاءات المجاورة له.
كما نستنتج أيضا من خلال د ا رستنا هذه حول واقع الملكية المشتركة و طرق
تسييرها داخل التجمع السكني الحضري 3333 مسكن بمدينة مستغانم بأن السكان لا
يملكون ثقافة التعامل القانوني مع ظروف ومتطلبات العيش داخل التجمعات الحضرية،
وكذلك فإنهم يفتقدون لآليات وشروط استعمال أو استغلال الأج ا زء المشتركة داخل هذه
التجمعات السكنية ، وهم لا يدركون لكافة حقوقهم فيها و كذا الواجبات المترتبة عليهم
نحوها. بل هم يرفضون تلك الأعباء المترتبة عن عملية تسيير تلك الأج ا زء ويعتبرون
أنها مفروضة عليهم، وهذا الأمر نتيجة لكون أن السكان الذين يقطنون بالتجمعات
السكنية يتعاملون مع الفضاءات العم ا رنية سواء للمسكن أو الحي حسب ثقافتهم
186
الشخصية وفكرتهم السائدة حول العم ا رن وليس الى الثقافة القانونية الموجودة في
الم ا رسيم والقوانين الصادرة عن الهيئات الإدارية المسؤولة على الحظية العم ا رنية.
إن النمط العم ا رني السائد و كي يلقى قبول و رضا يجب أولا معالجته على
مستوى الفكر من خلال تهيئة السكان و جعلهم يدركون آليات و نمط العيش داخل هذا
النمط العم ا رني.
كما أنه ل ا زما على المخطط العم ا رني عدم إغفال الخصوصية الثقافية والاجتماعية لمن
يستخدم السكن كي لا يكون هناك تصادم بين ما يحمله الساكن من أفكار وما يفرضه
الواقع عليه من نمط العيش.
إضافة إلى ضرورة تحرك الآلة الإدارية من أجل ضبط دقيق لملفات طالبي السكن
والشاغلين الحقيقيين له.
إن ثقافة تسيير الأج ا زء المشتركة يجب غرسها لدى السكان لكي تبقى ا رسخة
مع الزمن وليس تقديم وجه جمالي مغلف يبدو أننا متحكمون فيه استنادا الى التقليد في
حين من خلال نظرة بسيطة نكتشف العكس.
الحي هو م آ رة عاكسة للمجتمع و المدينة، و صورته هي من تصنع الصورة العامة
للمدينة. وبالتالي كلما تم ترقية وتنمية الحي السكني ا زد من جمالية المدينة وأكسبها
صورة التحضر الذي تمثله.