Résumé:
يعد أدب الرحلة لونا من الألوان الأدبية الذي ينتقي فيها الرحالة العديد من المظاهر الثقافية عادات وتقاليد وآثار تلك المنطقة التي زارها، ناقلا الواقع في قالب ادبي خال من التكلف والخيال.
امتد صدى ادب الرحلة حتى العصر الحديث واشتهر في هذا العصر الطهطاوي ورحلته الى باريس، حيث كانت هذه الرحلة مثل المصباح المنير في عصر النهضة بما تحمله في طياتها تغيير وتجديد ورغبة في النهوض بالبلاد العربية.
ولد رفاعة رافع الطهطاوي (1801-1873) في طهطا، أي أنه فيما بين القرية الصغيرة وعاصمة الفكر التنويري الغربي الذي كان قد اكتشف طبيعة الفوارق المادية والثقافية والحضارية في حياة الناس. كما أن الازهري الذي اطلع على إنجازات الغرب في جميع مجالات الحياة والتقدم، حرص بإرادة قوية على التمعن في التراث الفكري والفلسفي الذي رافق وحدد وأثر على تيارات التقدم الأوروبي مما جعله وبعد أن حصل على معرفة دقيقة بالتاريخ والتراث الفكري العربي الاسلامي، وعلى مجريات الواقع الوطني والدولي الذي عاشه، ينتج فكرا ومفاهيم تجعل منه، إلى حد يومنا، مؤسسة لرؤية سياسية واجتماعية وثقافية شكلت قاعدة التيار الإصلاحي والنهضوي التقدمي العربي الاسلامي. كان الطهطاوي أول مثقف عربي تفاعل مع "المسألة الغربية" دون عقد الانبهار المطلق أو الرفض المسبق وهو أول من حاول صياغة مقاربة متوازنة وواعية بمخاطر الانسياق الكامل في تيار الانفتاح على الآخر من ناحية أخرى. وقد كانت تلك المقاربة أهم إنجاز قدمه للتيار الفكري والسياسي الإصلاحي في العالم العربي والإسلامي، بل يمكن اعتبار المؤسس الاول له.