Résumé:
تشكّل هذه الدراسة مجالا معرفيا لبحث "سؤال التسامح في الفكر العربي المعاصر"، من خلال اختيارنا لنموذجين في المقاربة، هما: "علي أومليل" و"محمد أركون". وكخطوة أولى، لابدَّ منها، تطلب الأمر تحليلا لغويَّا مفهوميا تاريخيا للتسامح، من أجل الوقوف على حقيقة هذا المفهوم ودلالاته ومكوناته وشروط تحققه، هذا بالاضافة إلى الإحاطة بظروف وملابسات تشكله وانتشاره، وأهم التحولات الدلالية التي طرأت عليه فأكسبته معاني حديثة مقترنة بقضايا الحرية والمساواة والديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة حتى غدا أكثر شمولية. وبما أن مفهوم التسامح قابل للاستدعاء والتوظيف في كل الثقافات، فإننا حاولنا اثارة اشكالية المعنى وسؤال المرجعية في الخطاب العربي لمعرفة مدى قابلية هذا المصطلح الغربي لإعادة توظيفه في الفكر العربي المعاصر.
لا شك أن بحث سؤال التسامح في الفكر العربي – الإسلامي أثار عدة إشكالات نظرية ومعرفية لدى أومليل وأركون، منها: هل عرف تراثنا العربي – الإسلامي الديني والحضاري والتاريخي التسامح نصاً وتجربة؟ وكيف نؤسس لمفهوم التسامح في فضاء الفكر العربي والإسلامي؟. من هذا المنطلق تمحورت مساءلتنا حول مفهوم التسامح وإشكالاته ودلالاته وحدوده ومرجعيته وقيسمته في نصوص كل من أومليل وأركون، وكذا استكشاف أهمية هذه المقاربة وحدودها، والتعرف على الآليات والشروط التي صاغها المفكران من أجل متابعة وتطوير المفهوم في الفكر العربي المعاصر. ولكي تترك هذه المقاربة أثرها الفعّال في المجال الثقافي العربي كان من الضروري أن نُعيد التفكير من جديد في المنطلقات والنتائج كما صاغها أومليل وأركون، بغية التعرف على نقاط قوة وضعف هذه المقاربة، وذلك لفهم واستيعاب ما يطرحه التسامح من إشكالات على الواقع العربي المعاصر.
ا