Résumé:
إنّ ظاهرة تحويل الخطابات الروائية لأفلام سينمائيةلم تغب عن السينما الجزائرية وإن كانت قليلة، وجاءت في معظمها لتؤكد على قيم معينة، تمثل المجتمع أو أنها تمثل رؤية المخرج والمنتج، وكان من أبرز تلك التجارب هو عمل المخرج الجزائري محمد سليم رياض في انتاج فيلمه ريح الجنوب المأخوذ عن رواية بنفس العنوان للكاتب الجزائري عبدالحميد بن هدوقة.
لذا تأتي هذه الدراسة بهدف تقديم معالجة سيميائية وتحليل خطاب روائي في الفيلم السينمائي الجزائري"ريح الجنوب"، لغرض تأطير الحدود النظرية لعلاقة السينما بالأدب، والوقوف على مستوى العلاقة بين النسقين التعبيريين للرواية والفيلم.
اعتمدت الدراسة منهج التحليل السيميائي لدراسة الخطاب الروائي والفيلم السينمائي، وهو منهج نقدي معاصر معتمد في مقاربة الأنشطة البشرية بالتحليل، والتفكيك، والتركيب والتأويل، بهدف الوصول لأليات إنتاج المعنى، كما اعتمدت الدراسة المنهج المقارن بغية تحديد خصائص ومميزات كل من الخطاب الروائي والفيلم السينمائي، وإظهار أوجه الشبه والاختلاف بينهما، على مستوى المضمون والوظيفة التعبيرية. وتمثلت عينة الدراسة بفيلم "ريح الجنوب" للمخرج الجزائري محمد سليم رياض من خلالإختيار قصدي للمتتاليات التي جسدت القيمة الاجتماعية للمرأة والأرض التي شملها الفيلم.
وكانت من أبرز نتائج الدراسة؛ إن المخرج الجزائري محمد سليم رياض حافظ أثناء تحويل خطاب رواية ريح الجنوب للكاتب الجزائري عبدالحميد بن هدوقة إلى فيلم سينمائي، على الهيكل الذي بني عليه الخطاب من أبعاد الشخصيات، تسلسل الأحداث، العامة منها والثانوية، الإطار الزماني والمكاني.
كما بينت الدراسة أن المخرج أضاف مجموعة إضافات تتعلق بمحور الأرض ومحور المرأة فأعطى دلالات مغايرة لتلك التي وردت في الخطاب الروائي، إذ ركزّ على الأرض في ظل قانون تأميم الأراضي الذي جاء به نظام الحزب الواحد الإشتراكي في عهد الرئيس هواري بومدين، وعمل على ترسيخ مبادئ هذا المشروع من خلال الحوارات الذي أضافها،
كذلك ظهر من خلال النتائج أن المخرج سليم رياض كسى الخطاب الروائي طابعا سياسيا وابتعد عن روح الرواية وأعطاها بعدا آخر، فعمل على أن يكون الفيلم دعاية سياسية للنظام الإشتراكي السائد آنذاك وابتعد عن الطابع الاجتماعي للرواية