Résumé:
إن الخوض في مكانية الإنسان في المدينة هو قضية عادية وحتمية. عادية لأن المدينة، ككل واقع اجتماعي وثقافي، استرسالا هي اشكالية ذات ابعاد متداخلة لها معنى وثيق بوجود الإنسان نفسه. حتمية لأن الواقع الاجتماعي والثقافي، وكذلك عموما جميع الوسائل التقنية التي يتم بها تنظيم حياة الإنسان، تميل إلى التطور وفقا لمنطق خاص بها، بطريقة ما تنمي نفسها بنفسها والتي لم يمكن أن تتواجد وليس لها غاية خارج نفسها.
وعليه يصبح الإنسان حصرا لا عموما وسيلة. ويمكن أن يتخذ هذا الانحراف التكنوقراطي شكلين رئيسيين: فمن ناحية، تفرض ندرة الموارد وصعوبة تنفيذها في اختيار الأهداف: الضرورات التقنية والمالية التي تحل بعد ذلك محل الإرادة السياسية. ومن ناحية أخرى، فبمجرد توافرها، يفهم أن الوسائل يجب أن تستخدم دون قيد ودون حصر. وعليه يحضر أن في المدينة الحاجة بدون شك إلى حركة الأفراد، ولكن أولا وقبل كل شيء السوائل والمعلومات والأموال والمركبات.
ما هو المفقود إذن؟ ينجم عن هذا دراسة تأملية في معنى العيش في المدينة كبعد أصلي ومحدد للوجود البشري، ومعنى التبادلات، والتواصلات بين الأشخاص. ولا سيما لأن المدينة، تحت وطأة المدنية التكنولوجية، تصبح غير إنسانية حقا: انه من الطبيعي والمبهج أن التنديد بهذا الفضاء، المذعن لرحمة الضوضاء والتلوث وانعدام الأمن والعدوانية، هو من الذكاء.
وفي هذا السياق الأقطاب الجامعية كثيرا ما تحولت إلى مراجع نمطية مجهولة النشأة ذات استنباطات وتحولات غير منتهية النظير أين يصعب التعرف على عملية ومراحل تطورها وصعوبة تحديد غاياتها. والأسوأ من ذلك أن هذا التطور لم يصاحب حقا التنمية الحضرية للمدينة؛ أين تنشأ عن طريق الخطأ فضاءات مبهمة وتظهر صراعات حضرية تحت غطاء ظاهرة التحضر.
واليوم، يتداخل المدينة والحرم الجامعي في المكان والزمان ويولدان مناقشات عميقة حول فائدة أحدهما للآخر تحت غطاء الدنيوية وفضاء المعرفة. إنه "الفضاء ما بين" التي يتدخل كضامن حتمي لعودة الحرم الجامعي الى محيط المدينة. تحاول هذه المذكرة توضيح آليات هذا اللقاء واستكشاف كل فضاء على حدى من خلال الخلقة.