Résumé:
إن التنمية المستدامة تتمثل في عمارة الأرض و إصلاحها ، بما لا يخل بالتوازن و عدم استنفاذ العناصر الضرورية للحفاظ على سلامة البيئة ، والحد من تعريض الأرض وما عليها لمختلف أنواع التلوث ، وتأكيد عدالة توزيع الموارد وعوائد التنمية ، والحد من أنماط الإنتاج والاستهلاك غير الرشيدة وتوجيهها نحو الاستدامة. فالمعادلة بسيطة "إدارة التنمية على مستوى العالم بما يحقق التوازن البيئي " لكن المعضلة الكبرى تبقى في التطبيق ، فالعالم يمشي ، و الفقراء يزدادون فقراً ، والحاجة اليوم أكثر من إي وقت مضى إلى عقد عالمي جديد قائم على العدالة. فالتنمية المستدامة القائمة على الإدارة العادلة لموارد العالم والتوزيع العادل للثروات وضمان الحقوق الإنسانية للشعوب ، هي الطريق الأقصر لتحقيق السلم والأمن العالمي.
و رغم تسارع الجهود والنقاشات و الخطابات الدولية والإقليمية و الوطنية حول قضايا وشؤون البيئة بنوعيها الطبيعية و المنشأة ، من أجل وضع و تحديث أدوات وآليات و من ثم مبادئ لحماية البيئة ، إلا أن الواقع يشهد عكس ذلك ، حيث لا تزال هذه الجهود و المبادئ رهينة الاعتبارات والحسابات الضيقة لمختلف الفواعل ، و المشكلة كما أشار إليها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تتمثل في" افتقاد العالم لإطار عمل واضح ومتعدد الأطراف على المدى البعيد ".
بل هناك تباين في مواقف الدول في ما يخص أدوات حماية البيئة في حد ذاتها ، بل أننا نجد حتى تناقضاً في مواقف الدولة الواحدة نفسها ، فهناك من الدول من تدعي حماية البيئة وتدافع عنها في وفي مختلف المحافل الدولية ، لكن لا تتوانى في إعلان الحرب على البيئة عندما تتعارض مع مصالحها ، خاصة عن طريق شركاتها المتعددة الجنسيات العاملة خارج إقليمها وهذا ما نلمسه في توجّهات الدول المتقدمة.
و من جهتها تتراوح مواقف الدول النامية هي الأخرى اتجاه أدوات ومبادئ حماية البيئة تارة تحت ذريعة مسؤولية الدول المتقدمة فيما أصاب البيئة و لحقها من تدهور ، و تارة أخرى تتحجج هذه الدول بضعف الإمكانيات العلمية والتقنية لمواجهة المشاكل البيئية وتطبيق ما جاء في أدوات ومبادئ حماية البيئة.
و للأسف أن كل هذه المواقف الأنانية والتباينات والانقسامات الدولية بين مختلف الفواعل فيما يخص قضايا حماية البيئة ، تتم أمام زحف وتوسع رقعة المخاطر والتهديدات البيئية التي تهدد الأمن البيئي على غرار التصحّر والجفاف و الفيضانات نتيجة تغيّرات المناخ وارتفاع درجة حرارة الأرض التي نتج عنها من ذوبان للجليد القطبي مثلا .
و رغم حرص المجتمع الدولي ضمن احكام الاتفاقيات الدولية على تفعيل و تكريس الآليات الدولية المستحدثة على الصعيد الدولي و الاستعجال في تنفيذها حماية للبيئة و الانسان إلا أنه و رغم ذلك لا يزال هذا الأمر في تذبذب و لا اهتمام من طرف الدول المتقدمة اتجاه الدول النامية ، و ذلك لمجموعة من الاسباب المختلفة و متباينة منها سياسية و اخرى اقتصادية و سيادية ، و أصبحت تستعمل هذه الآليات كوسيلة للضغط على الدول النامية و من جهة أخرى محاولة تكريس لمبدأ الهيمنة و التبعية و الاستعمار البيئي ، الأمر الذي عرقل مبدأ التعاون الدولي لحماية البيئة ، و الامر الذي أدى دائما الى إعادة تحيين الاتفاقيات الدولية لحماية البيئة لا سيما منها المتعلقة بالمناخ ، إلا أن تجسيد ذلك لا يزال في قاعة من يتحمل المسؤولية إتجاه تلويث البيئة .
أما على الصعيد الوطني و من خلال دراسة الآليات القانونية لحمــاية البــيئــة التــي جــــــاء بها القانون 03-10 المتضمن حماية البيئة في اطار التنمية المستدامة اتضح أنها غير كافية لمواجهة الصعوبات التي اضحت تؤثر على حماية البيئة في ظل توسع رقعة الملوثات البيئية ، الأمر الذي فرض نفسه الى توجه نحو ايجاد آليات قانونية مكملة لها تصب في نفس الهدف المتمثل في حماية البيئة في ظل التنمية المستدامة ، فرغم جهود الدولة الرامية الى تحقيق اهداف حماية البيئة في اطار التنمية المستدامة وفق الآليات جديدة إلا أنها لم تحقق الهدف المرجو بسبب تنوع و تباين مجالات حماية البيئة و توسع رقعتها .
و يظهر جليا من خلال الآليات التنموية المستحدثة التي تلجأ إليها دائما الدولة لحماية البيئة و تحقيق التنمية المستدامة يظهر عليها استحداث في الآليات و تأخر في التنفيذ الأمر الذي يجعل دائما واقع البيئة في طريق التدهور رغم مساعي الدولة و تتعدد الاسباب و المعوقات التي حالت دون تحقيق التنمية المستدامة على الصعيد الوطني ، وقد يبدو جليا أن أسباب ذلك هي عدم وجود متخصصين متكونين فــي مجــال البيـــــئة و من جهة نقص الاعتمادات و المساعدات المالية الموجهة لحماية البيئة و تأخر تنفيذ المشاريع البيئة المسطرة من طرف الدولة رغم تحديد آجالها و يظهر أكثر مثال على ذلك مشروع السد الاخضر ، و توسيع سد بوهارون ، و تهيئة الساحل ، و تهيئة المناطق الرطبة و غيرها .
و في الأخير نستــــــــــــــنتج أن الجهــــــــود الدولية و الوطنـــية القــــــــائمة على حماية البيئة من التلوث ولــيدة الاتفاقيــات و المعاهدات المتعلقة بحماية البيئة عبر التاريخ بحيث تغير مفهوم المجتمع الدولي الى تحديد استراتيجيات جديدة متطلبة تتماشى مع العصر الحديث و مقتضيات تطور مفاهيم البيئة الامر الذي غير من الاساليب الموضوعة لحماية البيئة و هي الانتقال من الآليات التقليدية الى الآليات المستحدثة دوليا و وطينا و لا يمكن مغايرة الوضع البيئي الحالي إلا بتجسيد هذه الآليات ، و لا حظنا من خلال هذه الدراسة أن هناك تجسيد و تفعيل دولي و وطني لهذه الآليات من اجل حماية البيئة إلا هناك فوارق في تحقيق النتائج المرجوة من خلال هذه النتائج و قد يرجع ذلك الى مدى فعاليتها من خلال القوانين و الاساليب المتاحة لتنفيذ هذه الآليات لا سيما عندما يتم تقدير الوضع البيئي الحالي عن طريق نتائج و احصائيات .