Résumé:
من أسباب إحتلال الفرنسي للجزائر الرئيسية هي مسألة الديون، التي طالب اليهودي بكري فرنسا بها ويعود تاريخها الى الثورة الفرنسية1789م، وفي 1797 رفضت فرنسا تسديد الديون، وقام اليهوديان بكري وبوشناق بضرورة السيطرة على شخصية فرنسا ذات نفوذوهو وزير الخارجية الفرنسي تاليران وأقنع هذا الأخير بأن اليهود على أحقية بهذه الديون،واليهود كان عليهم أيضا دين للجزائر حوالي ثلاثة مائة ألف فرنك(300000) حيث أنهم قامو بتوريط مصطفى باشا بأن الدين الذي عليهم مرتبط بدفع فرنسا دينها لليهود، فأرسل مصطفى باشا رسالة في 17 سبتمبر 1798م الى وزير الحربية الفرنسي تاليران بدفع ديونه، وبمناسبة عيد الفطر في 29 أفريل 1827م أتى القنصل الفرنسي دوفال لتهنئة الباشا فقام الباشا بإنتهاز الفرصة وسأله على عدم الرد على رسائله فأجابه بأن ملك فرنسا وشعبها لا يحررون لك ورقة ولا يراسلون ردا حتى على رسائلك المرسلة وفي 1827م وقعت حادثة المروحة التي أدت الى انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
كانو يعتبرون اليهود أنفسهم طائفة مستقلة بحيث أنهم لم يشاركوا في الدفاع عن الجزائر، وعندما جاء الإستعمار الفرنسي وعملوا معه وقاموا بدعمه لأنهم كانوا يريدون التخلص من الدولة العثمانية وعند دخول الفرنسيين قاموا اليهود بالخروج الى الشوارع راكبين على البغال وبأصواتهم العالية المساندة للفرنسيين " فيفيا لافرنصيص-يحيا الفرنسين".
واما في مدينة الجزائر كان اليهود يقرون على ركبهم في الشوارع والطرقات يحمدون الله ويقبلون الجنود الفرنسيين، كما وضع وجهاء الشعب بكري ودوران أنفسهم في خدمة المارشال دي بورمون وزير الحربية، كما صرح أيضا قائد الامة اليهودية للضباط الفرنسيين "نحن ندافع عن أنفسنا بدفاعنا عن فرنسا"
وسبب مساندة اليهود للإستعمار الفرنسي هو من أجل الحفاظ على مصالحهم ورفع مكانتهم السياسية كما أن لليهود عدة مواقف تبين بأنهم مساندين للاحتلال كمشاركتهم في حملة كلوزيل في 26نوفمبر 1830 الا أن اليهود أيضا كان طرفا في المفاوضات التي أجريت بين ديبرمون وباي وهران، حيث قام ديبرمون بإرسال "مورخي عمار" للتفاوض مع الباي، واستمر هذا الدعم اليهودي للفرنسيين حتى الاحتلال الفعلي لمدينة وهران عام 1831م، وتم تعيين "مردوخي عمار" رئيسا للطائفة اليهودية، وتم تشكيل جيش يهودي بقيادة انجيل عمارعن قريب: "بأنه عن قريب سيصبح الإسرائليون الجزائريون فرنسيينوبعد زيارة نابليون الثالث الثانية للجزائر سنة1865، أصدر الامبراطور لدى عودته الى باريس قانون استشارة مجلس الشيوخ، والدي بموجبه منحت فرنسا للجزائريين، من اليهود والمسلمين، حق الحصول على الجنسية الفرنسية بشكل فردي بشرط ابداء رغبتهم في ذلك ليتخلوا عن ارتباطهم بشرائعهم الدينية والتقليدية وهكذا ترجمه الامبراطور ثم قدمه لليهود بإصداره القانون المشيخي في 14يوليو 1865م، وكانت هذه علامة ارتياح وقعها الالاف اليهود الذين وجدوا في زيارة نابليون الثالث الى الجزائر فرصة لإعلان رغبتهم في الحصول على الجنسية الفرنسية
شهدت المجموعة اليهودية في الجزائر تطورات وتحولات مصيرية وبارزة ابتداءا من الحدث البارز الذي شهدته البلاد سنة 1830م وماتلاها
فمن الناحية الديمغرافية تطور التعداد العام للسكان، ويبرز ذلك من خلال عمليات إحصاء حيث شهد التعداد إرتفاعا ملاحظا وهذا راجع لى معدل الخصوبة المرتفع في اليهود كأقلية دينية منغلقة على نفسها كن من مصلحتها تشجيع المواليد للحفاظ على غمكانية التزاوج فيما بينهما
وما يلاحظ في هذا المجال هو العنصرية الموجودة في الأوساط الإحصائية حيث كانوا يحصون جانبا وقد كنت الأسماء اليهودية القحة تدل عل هوية أصحابها وبالتالي فهي أول معيار للتمييز الذي كان قائما
وقد تمركز اليهود في المناطق التقليدية التي كانوا يشكلون جزءا هاما من نسيجها السكاني منذ القدم وإن كان تأثيرهم في مدن معينة بارزا بالمقارنة مع مناطق أخرى، وقد عرفت أعدادهم تزايد كبير في مدن معينة حيث كانوا يشعرون بأمان أكثر بل وحتى بنوع من النفوذ.
رحب اليهود بدخول الإستعمار الفرنسي في 1830 والدليل على ذلك بأنهم خرجوا الى الشوارع فرحيين حتى قاموا يتقبيل الأرجل، وبعد صدور مرسوم كريميو 1870م كان البعض معارض له بسبب أنهم خائفيين بأن ينسوا أصولهم وهويتهم ودينهم وعارض الأهالي مرسوم كريميو لسببين رئيسيين، الأول وهو السبب الديني والثاني والهو السبب الاجتماعي والسياسي، كما شعروا المعمرون الفرنسيون بخيبة أمل تجاه مرسوم كريميو، وإذ كان المسلمون الأهليون قد رفضوا التجنيس
التطور الاقتصادي كان من أهم عوامل قوة الجالية اليهودية حيثما كانت هو نشاطها الاقتصادي وما يدره من ثروات على بعض أعيانها، وفي مقدمتها التجارة والتي هي أول ملجأ لهم كحرفة تمتهن، وقد تدعم هذا النشاط في بعض المناطق بحلول الإستعمار الفرنسي وتحول اليهود الى وسطاء بين المسلمين والأوروبيين وهذا ما مكنهم من إحتكار عدة مجالات في هذا النشاط، ومع الاحتلال الفرنسي ظهر اليهود في قطاع جديد لم يكونوا ينشطون فيه وهو مجال العقارات والأراضي حيث لا يستبعد أن تكون إنتقلت أولى الأراضي الى أيدي الملاك اليهود عن طريق المصادرة حيث أن الأراضي كانت تمنح للمستوطنين الأوروبيين فقط وليس أمام غيرهم إلا الشراء من الملاك لكن اليهود بحكم تجارتهم في الأموال والقروض يمكن ان تصل أيديهم للأراضي الى جانب الإستلاء عن طريق الرهن ثم الشراء حيث إمتلك اليهود عقارات هامة في عدة مناطق للمضاربة وللتملك
في الجانب الثقافي فقد شهدا لأمر تحولا حضاريا كان أبرزه التحول اللغوي فكانت اللغة في المناطق الحضرية أوروبية خاصة الفرنسية كلغة أولى مع الإنتقال في الحديث بين اللغات مع إزدهار التواصل في التراث الثقافي بين اليهود والمسلمين، فظهرت مجموعة من الفنانين اليهود الذين بقوا متعلقين بتراثهم الجزائري والذين لم تفلح مدرسة جول فيري ولا مدارس الرابطة الإسرائلية العالمية ولا القهر الثقافي الفرنسي في إقتلاعهم منه نظرا لعمق إندماجهم في المحيط الثقافي الجزائري في حين ظهر بارزا تفرنس الممارسات الدينية.