Résumé:
إن تبني السلطة السياسية لنظام اللامركزية من خلال الجماعات المحلية يقتض ي إلتزامها بكل مقومات هذا النظام، فاللامركزية
الإقليمية تقوم على وجود شخصية معنوية، مصالح محلية ونوع من الإستقلالية المالية في تسيي ر شؤونها، وإذا كان من السهل علينا تعريف
المفهومين الأولين فإن تعريف مفهوم الإستقلالية المالية يظهر الأكثر صعوبة، كما أن قضية التمويل المحلي الذاتي والمستقل للجماعات المحلية
ومراقبته من أكبر التحديات والرهانات التي تواجه أنظمة الحكم المحلي، إذ يصعب في كثير من الأحيان ضبط هذه الحتمية القائمة بين مبدأ
إستقلالية الجماعات المحلية قانونيا، إداريا و ماليا و بين القيود و القواعد التي تفرضها الدولة، كما أن أكبر التحديات التي تواجه هذه الحتمية
أيضا هي التمويل و الم وارد المحلية التي تتميز بضعفها وعدم كفايتها بصورة تجعل مجالس تسيير و إدارة الجماعات المحلية مشلولة و عاجزة عن
المحافظة على إستقلاليتها المالية أولا، و عاجزة عن الإضطلاع بوظائفها و مهامها التي تبرر وجوده ثانيا، و عليه يعتب ر وجود محافظ الحسابات
كجهة رقابية خارجية أحد ركائز ومقومات ضمان المال العام الذي يعتبر بمثابة الترياق المضاد لإختلالات التوازن في الجانب المالي تحديدا للجماعات
المحلية، وهذا نظرا لإضفائه نوعا من الشفافية والمصداقية على الحسابات المالية، حيث أن إضطلاع مراقب الحسابات بهذا الدور المحوري
يفرض عليه أن يبقى دائما مستقلا عن الشؤون الإدارية لها، وحتى يحافظ على إستقلاليته التي تعد شرطا أساسيا في مهنة التدقيق، إضافة إلى
ضرورة تواف ر العناية والكفاءة المهنية من خلال التدريب المستمر، دون أن ننس ى العلاقة التعاونية بين محافظ الحسابات والأطراف الفاعلة الأخرى
بما فيهم أنظمة الرقابة المباشرة وغير المباشرة للدولة داخل هذه الجماعات العمومية الإقليمية والمحلية في الجزائر، حيث أن عدد محافظي
الحسابات المسجلين في الجدول السنوي الذي تم نشره من طرف وزارة المالية لسنة 2018 ، بلغ عدد 2.215 عضو على مستوى الوطن، لتنفيذ مهام
التدقيق والمصادقة على حسابات المؤسسات والشركات العمومية والخاصة، يعتبر حاليا غير كافي لسد كامل إحتياجات سوق المراجعة و التدقيق
الخارجي على المستوى الوطني، إذا يتطلب على الدولة رفع هذا العدد حتى يحقق تغطية كاملة لقطاع الجماعات المحلية للولايات 48
و بلدياتها عبر الوطن