Résumé:
إن التحولات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي عرفتها الجزائر في نهايــــــــــة الثمانينات كانت نتيجة حتمية للازمة الاقتصادية التي عرفها العالم و الجزائر لم تكن بمنأى عنها ، حيث انخفض سعر البترول و الذي كان و مازال يشكل أهم مورد للبلاد مما أدى إلى انخفاض قيمة الدينار ، و ارتفاع المديونية ، فلم تعد الدولة قادرة على دعم العجز الكبير الذي عرفته المؤسسات العمومية الاقتصادية مما اثر على الأوضاع الاجتماعية للعمال و ازدادت تدهورا ، مما حتم على الدولة مراجعة سياستها و إدخال إصلاحات في جميع المجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية فبلورت تلك الرغبة في دستور سنة 1989 المعـدل و المتمم بدستور 1996 .
ففي المجال الاقتصادي تخلت الجزائر عن الاقتصاد الموجــــــه و تبنت اقتصاد السوق ، الذي يفرض على الدولة الانسحاب من الساحة الاقتصاديــة و الاجتماعية ، و فســــح المجال أمام أطراف الإنتاج و الشركاء الاجتماعيين من اجل تنظيم كل المسائل المتعلقة بعلاقاتهم المهنية و الاجتماعية في إطار نظام تعاقدي . و على الدولة أن تكتفي بالتدخل في حدود التي تضمن لها حماية المسائل المتعلقة بالنظام العام فقط .
الأمر الذي انعكس على آليات التسوية الودية لمنازعات العمل الفردية ، حيث كانت مفتشية العمل تتولى حلها موفرة الحماية الكاملة للعمال في ظل النظام الاشتراكي المتبع ، الأمر الذي اختلف بعد انتقال الجزائر إلى نظام اقتصاد السوق ، حيث انسحبت الدولة و مؤسساتها و بالتالي رفعت تلك الحماية التي كان يتمتع بها العمال من خلال إسناد المهمة إلى مكاتب المصالحة