Résumé:
إن الحديث عن المذاهب الإسلامية يحتاج إلى الكثير من التأني والتدقيق؛ وذلك لتنوعها وتشعبها، بل في بعض الأحيان يكون الاختلاف داخل الاتجاه الواحد. ومن ثمة كان للفرق الدينية أثر بالغ في إثراء التراث العربي الإسلامي بجهود عديدة بقيت على مر التاريخ محل اهتمام، ولا يكاد ينقطع البحث فيها. ومن هذه الجهود كتب التفسير التي ارتبطت بالنص القرآني شرحا وتفسيرا أو تأويلا، ونخص منها كتاب الكشاف لمؤلفه الزمخشري. إن المعروف عن هذا التفسير أنه أثرى البلاغة العربية، ومثل لمباحثها أحسن تمثيل، وهو تفسير يجمع أيضا بين مجموعة من العلوم الأخرى كالنحو والقراءات القرآنية وغيرها، وتتعدد فيه الوجوه والتوجيهات في آن واحد. وهذا الأمر راجع إلى كون صاحب الكشاف من أهل الاعتزال (المعتزلة)، وقد كان يعمد إلى تحليل النصوص القرآنية وفق مذهبهم؛ الذي يتكئ على العقل ومبادئ المنطق، وذلك يتجلى واضحا في نهجهم القائم على الأصول الخمسة، ومنها التوحيد والعدل والمنزلة بين المنزلتين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر