Résumé:
مقدمــــــــــــة
التربية هي عملية نمو وتطوير وتشكيل حياة الأفراد في مجتمع معين حتى
يتمكنوا من اكتساب المهارات المختلفة والقيم والاتجاهات وأنماط السلوك التي تساعدهم
على التعامل مع البيئة الاجتماعية التي ينشؤون فيها.
والتربية تتم من خلال القائمين عليها، حيث يتبع هؤلاء العديد من الوسائل
في تربية وتكوين الفرد صالحا من النواحي الخلقية والبدنية والعقلية والنفسية والاجتماعية،
وتتعدد الجهات والمسؤولون الذين يقومون على تربيته، حيث تشتمل على المنزل والمدرسة
والمجتمع وكل جهة من تلك الجهات لها أساليبها، ووسائلها الخاصة في تربية وتكوين .
لذلك لا يمكن لأهداف الصحة العامة أن تتحقق في أي مجتمع دون المشاركة
الايجابية من الأفراد، ولكي تتحقق تلك المشاركة من جانب الأفراد هناك مسؤوليات ومهام
تقع على عاتق الفاعلين في مجال الصحة بصفة عامة، لكي تدفع الأفراد وتحثهم على القيام
بمسؤولياتهم تجاه صحتهم، ويتم ذلك عن طريق برامج التربية الصحية النظامية وغير
النظامية.
تلعب المدرسة في العصر الحديث دورا هاما في تقدم ونهضة الأمم، وقد
أصبحت هي الأداة التي يتم فيها صهر مختلف أنواع القدرات الشخصية لدى التلاميذ،
وصقلها حتى تمكنهم من القيام بكافة الواجبات لتحقيق أمال الأمم ورقيها، لذلك كان من
الضروري الاهتمام بصحة هؤلاء التلاميذ والمحافظة عليها والتي تعد من الأهداف الأساسية
التي تسعى المدارس لتحقيقها، بحكم أنها من المؤسسات التنشئة الاجتماعية الرائدة
والمسؤولة عن نشر الوعي الصحي والثقافة الصحية في نفوس التلاميذ، وبالخصوص في
المرحلة الابتدائية، أين تستثمر في أسس مبادئ الصحة المدرسية التي تقدم عبر برامج
ومناهج ذات أهداف توجيهية وتوعوية لصالح الفاعل الأساسي للعملية التربوية، ونقصد هنا
التلميذ.تعتبر الصحة المدرسية عبارة عن مجموعة من المفاهيم والمبادئ والأنظمة
والخدمات التي تقدم لتعزيز صحة التلاميذ والطلبة في السنوات الدراسية وتعزيز صحة
المجتمع من خلال المدارس.
لابد أن نؤكد هنا على العلاقة الوثيقة والمتواصلة بين التربية والصحة، إذ
تؤثر الواحدة في الأخرى تأثيرا كبيرا، ولعل إحدى المهام الأساسية للتربية هي تغيير سلوك
الأفراد واتجاهاتهم بحيث تسعى إلى المحافظة على الصحة والوقاية من الأمراض وهذا
يعني أن انخفاض الوعي الصحي أساسه في الواقع أساس تربوي لأنه يرجع
إلى اكتساب الفرد السلوك الصحي السليم، بحكم أن تلاميذ المدرسة الابتدائية يقضون وقتا
طويلا فيها. لذا بات من ضروري توعيتهم صحيا من خلال تزويدهم بالمعلومات والمعارف
الصحية وإكسابهم سلوك وعادات صحية سليمة ليحافظوا من خلالها على صحتهم وسلامتهم
ويدركوا أهمية الحفاظ على صحة البيئة التي يعيشون فيها وذلك من خلال التعرف على
الأبعاد الصحية سواء بعدها الجسمي كنظافة واعتناء، أو بعدها الغذائي من خلال التعريف
بالعناصر الغذائية الضرورية والصحية التى تشمل على العناصر الهامة لنمو الجسم
خصوصا في المراحل الأولى من حياة المتعلم، أو من خلال لفت الانتباه وتعزيز الاهتمام
بالنشاطات الرياضية بصفتها مفيدة لجسم الإنسان وتساهم في وقايته من العديد من الأمراض
التي أصبحت أكثر انتشارا في زمننا الحاضر.
وبذلك فان العملية التربوية هي عملية شاملة بمدخلاتها ومخرجاتها، تهدف
إلى بناء فرد متكامل جسديا وعقليا يتأثر بالمضامين التي تقدمها. وبذلك فلابد من الاهتمام
بنوعية المفاهيم والمصطلحات المدرجة في المناهج التي تقدم للتلاميذ، أين يعد إدراج
المفاهيم الصحية في المناهج الدراسية أمرا مهما وخطوة أساسية لتعزيز التربية الصحية،
وهو السياق الذي تندرج فيه دراستنا هذه، والتي تهدف إلى التعرف على الموضوعات
الصحية التي تطرحها المناهج التعليمية الجزائرية في الطور الابتدائي، والوقوف على واقع
تكريسها، عبر نموذج كتاب التربية العلمية والتكنولوجية للسنة الثالثة ابتدائي الجيل الثاني.وتندرج دراستنا هذه ضمن الدراسات التحليلية الوصفية، تم الاعتماد فيها
على أداة تحليل محتوى كتاب التربية العلمية والتكنولوجية الموجه للسنة الثالثة ابتدائي الجيل
الثاني.
ومن اجل إحاطة مثلى بالموضوع وعملا بالقاعدة المنهجية للبحث العلمي
وفق مراحله الثلاث (التفكيك، البناء واستخلاص النتائج)، قسمنا بحثنا إلى ثلاثة أبواب مع
مراعاة التكامل والترابط بينهم فقد حمل كل واحد منهم تمهيد وملخص، سخرنا الباب الأول :
للجانب المنهجي للدراسة، وهو الباب الذي وظفنا فيه فصلا واحدا، حيث جاء على شكل
تمهيد لكيفية تحديد وبناء موضوع ومنهجية الدراسة، الذي قسمناه إلى مبحثين، تطرقنا في
المبحث الأول إلى تحديد وبناء موضوع الدراسة، وشمل العناصر التالية: أسباب اختيار
الموضوع (ذاتية، موضوعية)، أهداف الدراسة، أهميتها، إشكاليتها، فرضياتها، كما تناولنا
فيه التحديدات الاصطلاحية والإجرائية للمفاهيم المتعلقة بموضوع الدراسة. أما المبحث
الثاني فقد سخرناه بدوره لتحديد الأسس المنهجية للدراسة، الذي بدأناه باستعراض بعض
الدراسات السابقة الدراسة الاستطلاعية، المناهج المتبعة، التقنيات المستعملة، وأخيرا
صعوبات الدراسة.
أما الباب الثاني فقد سخرناه للجانب النظري للدراسة، وشمل فصلين
يشملا على مبحثين لكل منهما، تناولنا في الفصل الثاني مفاهيم: المناهج الدراسية، التربية
الصحية. وجاء الفصل الثالث مكملا لسابقيه متناولا مفاهيم : الوعي الصحي، التثقيف
الصحي.
و في الباب الثالث أخيرا، الذي وضعناه تحت تصرف الجانب الميداني
المنهجي للدراسة، الذي يضم بدوره على فصل واحد معنون باستعراض وتحليل بيانات
فرضيات الدراسة، وهو الفصل الميداني الذي قسمناه على ثلاث مباحث، حمل المبحث
الأول انشغالات الفرضية الأولى عبر استعراض وتحليل والاستنتاج الجزئي لبيانات هذه
الفرضية، أما المبحث الثاني فقد حمل إجراءات تحليل محتوى الكتاب المدرسي (كتابالتربية العلمية والتكنولوجية نموذجا)، بينما المبحث الثالث تم تسخيره لاستعراض وتحليل
بيانات الفرضية الثانية مع استنتاجها الجزئي.