Résumé:
إن التحول الذي عرفته الجزائر من النظام التوجيهي في ظل التجربة الاشتراكية إلى نظام جديد يقوم على اقتصاد السوق عرفت فيه المؤسسات نوعا من الاستقلالية في التسيير، و عرف عالم الشغل بالتوازي تحولا في مجال تنظيم علاقات العمل لتنتقل من الطابع التنظيمي إلى الطابع التعاقدي والنظام التفاوضي، انسحبت فيه الدولة كطرف منظم لعلاقات العمل إلى طرف مراقب لها ، اتسعت فيها سلطات طرفي هذه العلاقة في تنظيم مختلف جوانبها في ظل احترام النصوص التشريعية و التنظيمية، بما يضمن تحقيق التوازن في الحقوق و الواجبات بين العمال و المستخدمين و ضمان حماية العمال من تعسف أصحاب العمل.
باتساع نطاق مجال علاقات العمل، أصبحت المبادئ و أعراف المهن و ضوابطها غير قادرة على مواكبة هذا التطور في عالم الشغل، خاصة ما يتعلق منها بضرورة توفير حماية كافية للعمال والأجراء ضد كل ما يلحق بهم من إجحاف بحقوقهم و مساعدتهم كطرف ضعيف في كل علاقة مهنية بالمستخدمين. كل ذلك يستلزم تدخل الدولة بسن تشريعات عمالية، تمحورت في غالبيتها حول تنظيم عالم
الشغل وحماية الطبقة العمالية بإعطائها مزيدا من المكاسب تتناسب مع التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي تصبو الدولة إلى تحقيقه في كل مرحلة.
فالتساؤل الذي يطرح هنا: ما مدى تدخل الدولة في ظل التحولات الاقتصادية التي ترمي إلى انسحاب المشرع عن تنظيم علاقات العمل؟ و ما هو الهدف الذي تصبو إليه الدولة من خلال تدخلها هذا ؟